الكثير من المناصب و المهن لا يمكن الوصول إليها إلا بالتخصص و لذلك لن يستطيع أحد الجلوس على كرسي الطبيب إلا بعد أن يحصل على شهادة في الطب و لن يجرؤ أحد على قيادة طائرة إلا بعد أن يملك شهادة تثبت قدرته على قيادتها و كذلك في مختلف المهن لكن في الإدارة نجد الوضع يختلف تماماً كما هو الحال في الفتاوى الشرعية و للأسف .
أنا المدير ..
كلمة من السهل أن ينطقها الكثيرون بل و يكاد الكل يجمعون على أنهم أهل لتلك الكلمة و أنه من السهل القيام بما تتطلبه من مهام و هذا الأمر قد يكون سبب من الأسباب التي جعلت منا أمة متأخرة إنتاجياً .
إنها ثقة بالنفس في غير محلها .
إن الإدارة يا سادة بحاجة إلى صفات معينة ينبغي تحقيقها لمن أراد أن يتولى أمرها .
و الصفات هنا منها ما يكتسب بالتعليم و الممارسة و منها ما يكون في التكوين الشخصي للفرد و ليس الأمر هكذا كما يظن البعض فلا يعني امتلاكي لمنظومة ما أو قربي من ملاكها و معرفتي بهم كافياً لتولي زمام أمورها .
نعم .. ما أملكه هو حق لي و لا يختلف على ذلك أحد لكن كي تستمر تلك المنظومة التي امتلكها فهي بحاجة إلى خبرة تقودها و لو كنت أمتلك مقومات قيادتها فأنا أولى بإدارتها بلا أدنى شك أما لو كان الأمر غير ذلك فسأبحث عن خير من يتولى ذلك و لن يكون بالطبع صديقاً مقرباً بل لا بد أن يكون شخصاً مؤهلاً من خارج المنظومة أو من منسوبي تلك المنظومة و لو كان من منسوبيها فهذا أفضل بالتأكيد لكن لنتنبه و نحن نختار من داخل المنظومة بالتركيز على مقومات القائد .
نعم قد يجتهد الموظف في وظيفته و يكون مثالاً للجد و الاجتهاد فهل تتم مكافأته بأن يصبح مديراً للمنظومة ؟
هذا خطأ .. نعم هو اجتهد و بذل لكنه لا يستطيع أن يكون قائداً و هذا ليس طعناً في أداءه فللقيادة متطلبات و هنا تتم مكافأته برفع مرتبه أو درجته الوظيفية و ليس بوضع مصير منظومة بأفرادها تحت مسؤوليته .
كذلك عندما يعمل فرد في الإدارة لا يعني ذلك أن يلبس دور القائد عند غيابه لأن دوره الحقيقي لا يتعدى مهام تنفيذية لا تقرير مصير .
إن القائد عندما يكون غير مؤهلاً لإدارة منظومة ما يظهر أثره على أداء المنظومة و إنتاجيتها و لذلك نجد أفراد المنظومة تائهين لا يعرفون مصيرهم و لا يدرون إلى أين تقاد المنظومة بتخبطاتها و حينها لا يستطيعوا رفع إنتاجيتهم و لا كذلك رسم مستقبلهم و إدارة أمورهم .
إن الكثير من المنظومات و الشركات تسقط عندما تجهل و تتساهل في اختيار قائدها و ستنجح فقط عندما تؤمن بأن القيادة صناعة أما غير ذلك فلن يتعدى من كون من يديرها مديراً مع وقف التنفيذ .
محمد الدباسي
مؤلف و كاتب صحفي
رئيس التطوير في اتحاد الكتاب و المثقفين العرب
maldubasi@gmail.com