المسؤولية مشتقة من السؤال وهي تعني من كان في وضع السؤال والمساءلة. والانسان يوصف بانه كائن أخلاقي بحكم أفعال، ومن دون شك التقييم وهذه المساءلة نابعة من كون الانسان مكلفا يشعر بالالتزام مرة امام نفسة ومرة امام غيره ، وهذا الالتزام يجعلنا نصفه بأنه مسؤول.
ولكن بعض الناس تهرب من هذه المسؤولية ، من اخذ القرارات وتحمل الاعباء ، وقد تكون للبعض غير محتملة ، ومنهم من يرمي بها على الاخرين والأسوأ من كل هذا اولاء الذين يتهاونون ويهملون هذه المسؤولية.
يقول الله تعالى : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } من هذه الاية نستوعب ان المسؤولية امانة وان الامانة حملها ثقيل وعليها تترتب التزامات وجهود وثقة واخلاص..
ومن هذا المنطلق يجب علينا نشر ثقافة الشكر للمسؤول المخلص في عمله ، لعل ذلك يكون دافعا له على بذل المزيد من الجهد والعمل المخلص ، وقد وُوجِهَ ببعض الاعتراض من متابعيه الكرام بحجة أن الشكر عادة يكون للمحسن المتفضل ، وهذا لا ينطبق على المسؤول المكلف الذي يأخذ أجره من الدولة كاملا موفورا ، وقيامه بعمله أمر واجب عليه لا يستحق الشكر عليه !
ولكل قول حظه من النظر ، وقد كنت في أول الأمر إلى الثاني وأرغب إليه ، ولكن بعد محادثة فكرية ، وتأنٍّ يسير في الأمر وجدت نفسي منحازا إلى المنطق ، وذلك من مبدأ ( من أخلّ بعمله كان مستحقا للعقاب ، فكذلك إن أحسن في عمله فإنه يستحق الثواب والشكر )
وهذا المبدأ قرره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ” وفي بُضْعِ أحدكم صدقة ، قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وِزر ؟ فكذلك لو وضعها في حلال كان له فيها أجر ” .
إذن ، علينا أن نقول للمسؤول المخلص الناصح : شكرا جزيلا على الجهد المبذول ، وعليه هو أن يقابل شكرنا إياه بالشعور الحسن للاستمرار بهذا الأداء الطيب ، وأن يدرك أنه كما يتلقى الشكر على إحسانه فإن عليه أن يتلقى اللوم والمحاسبة والنقد إن زلت به قدم إلى الفساد والإهمال الوظيفي ، فالوطن أولا وثانيا وأخيرا ، وحق المواطن على المسؤول أمانة تعجز السموات والأرض عن حملها ، فليكن على قدر المسؤولية ، وليكن أهلا للشكر بعمله وإخلاصه وليس ببشته وترززه . قافلة : ” يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون “*
* أخيراً :
فلو كان للشكر شخص يبين … إذا ما تأمله الناظر
لبينته لك حتى تراه … فتعلم أني امرؤ شاكر
ولكنه ساكن في الضمير … يحركه الكلم السائر
بقلم : محمد إبراهيم صنبع
١٩-٨-١٤٣٧هـ