تحتفل المملكة العربية السعودية بيومها الوطني في اليوم الأول من الميزان الموافق 23 سبتمبر (أيلول) من كل عام وذلك تخليداً لذكرى توحيد المملكة وتأسيسها على يدي جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله الذي أعلن قيام المملكة العربية السعودية عام 1351هـ .
فالوطن هو الأرض التي نشأ عليها المواطن، يحبها ويحتفظ في عقله بذكريات عنها لا يمكن أن ينساها أبداً، لأنها تُشكل له وجوداً حسيا ومعنويا .
ولقد كتبت مقالات عدة عن هذا اليوم تناولت جوانب مختلفة فيه، ولكننا لا زلنا نثير ونطرح تساؤلات في هذا اليوم من كل سنة، ولا أظن أن الأسئلة ستتوقف، ذلك أن لدينا شريحة أو فئة لم تدرك أهمية اليوم الوطني في الخريطة السياسية والوطنية للمملكة ، ولا تعي أهمية الإنتماء لوطن .
فالوطن والمواطنة ليست شعارات تكتب، وألوان تصبغ ، وأعلام تطبع ، وإنما تصرفات وسلوكيات تغرس وتمارس ، فتصبح عنوانا لحضارتنا وانعكاسا لتربيتنا وأخلاقنا الفاضلة التي يجب على كل فرد التمسك بها .. وتصرفاتنا في الحياة اليومية تعطي صورة واضحة عن مدى التزامنا ومحافظتنا على هويتنا الوطنية ، ومقدرات و مكتسبات الوطن، ولكن مع الأسف الشديد فإن نظرة سريعة على المظاهر السلبية والمشينة المصاحبة للاحتفال باليوم الوطني نجد أن النفوس غير السوية ، وأيدي العبث والتخريب قد طالتها بأساليب تنم عن جهل وعدم إحساس بالمسؤولية، حيث تظهر في هذا اليوم بعض التصرفات الطائشة والشاذة كالتعدي على الحريات والحرمات، ومحاولة إتلاف المرافق والممتلكات العامة والخاصة، وعدم احترام الأنظمة، بل وينشط في هذا اليوم من كل عام أرباب السلوك المنحرف والمضطرب ويمارسون هواياتهم الشاذة وهو ما يتناقض مع ما يجب إبرازه في هذا اليوم من إظهار حب الوطن بصورته الحقيقية والجميلة دون الإضرار أو محاولة إلحاق الأذى بالآخرين والالتزام بالأنظمة والتعليمات المرعية .
فليس هناك من لا يحب الأرض التي ولد فوق أديمها، بل إن الفطر السوية مجبولة على حب الأوطان، وهذه الحقيقة تؤكد أنه لا يمكننا أن نتصور أن أحدا يمكن أن يكره الأرض التي ولد عليها، فحب الوطن والمكان فطرة ارتبطت بالبشر جميعا، وهذا يقودنا إلى القول هل من الممكن أن تتعرض هذه العلاقة بين الإنسان ووطنه لنوع من التشويه والانحراف والاضطراب أو الفهم غير الدقيق لمعاني الوطنية .
أقول نعم .. ففي كثير من الأحيان تبتلى بعض الأسر والمجتمعات بأفراد لا يلتزمون بالأعراف والقيم السائدة والأنظمة التي تنظم حياة العباد والبلاد ، فتجدهم يخرجون على التقاليد الإنسانية ، والأعراف الاجتماعية المقبولة وكأنها لا تعنيهم، فلا تجتذب اهتمامهم ولا يراعون مصالح الآخرين أو حقوقهم، وإنما هم مهتمون بالاستعانة بها لتحقيق مصالحهم مع إيجاد مبررات تافهة أو سخيفة لذلك ، فنجدهم مخادعين في حديثهم مخالفين في تعاملاتهم لا تحكم تصرفاتهم أي قيم أو معايير أخلاقية وإنما ضمائر مختلة .
وهنا يوجد مظهران متصلان بمفهوم الضمير المختل ، الأول هو عدم قدرة صاحبه على تطبيق الأحكام الخلقية السائدة في مجتمعه على سلوكه ، والمظهر الثاني هو عدم الشعور بالذنب، نظراً لأن الشعور بالذنب عنصر هام في تكوين الضمير ، إذ يشعر الشخص السوي بالتعاسة وتأنيب النفس ، أما المضطرب فيستمر في انحرافه دون أي شعور بالذنب وإن كان في بعض الأحيان يحاول – لفظياً فقط – الاعتذار عن تصرفاته وإظهار الندم الخادع عليها ، وهذه الأعراض تجدها جملة وتفصيلا في بعض المحتفلين باليوم الوطني ، وقد أطلق العلماء على هذه السلوكيات مسميات عدة ، ووصفها آخرون "بالمرض النفسي الاجتماعي" إنه يا سادة السلوك المضاد للمجتمع.
دامت أفراحكم