كانت أمي تمزج لنا طعم الفرح مع الطعام الذي نأكله، و تخبز لنا الحب مع كل قطعة كعك تقدمها لنا حين نجتمع سويا على المائدة.
كانت تحكي لنا قصصا تسرج خيالنا إلى أبعد مدى حتى لكأنني المس النجوم واحدة بعد أخرى ، و اتسلق ستائر الليل إلى الكون العجيب الذي يتمادى معه شغفي.
ونحن نلتف حولها كل مساء لم تكن اما فقط ؛ بل كانت عالما من الأشياء الجميله التي تحيطنا بعباءة الحنان والرأفة.
صوت أمي لم يكن صوتا عاديا ، أنه موسيقى دافئة ، ننام على نغمته الرقيقة كل ليلة.
لطالما أحببت رائحة امي ، و لمسة يديها، و نظرة العطف المشبعة بالزهو حين ترانا نرتمي في حضنها.
إن امي لا تشبه غيرها من النساء ، فهي إمراءة ملائكية الإحساس، ساحرة الشعور؛ طاغية الحضور.
أحبها حين تقسو علينا ثم تعود وفي عينيها ألف عذر و دمعة .
أمي أول حرف نطقته وآخر حرف يمكن أن يغادر ذاكرتي.
أحبوا أبنائكم و اخبروهم بذلك و عيشوا من أجلهم.
كونوا لهم أول حبيب و أول نبضة قبل أن يختطف قلوبهم شخص آخر ليعذبها.
لا تسمحوا لهم أن يروا العالم و انتم بعيدون عنهم.
إبقوا إلى جوارهم قبل النوم . وأحيطوهم بكل العناية ، وقبلوهم و ابتسموا لهم ، وشاركوهم لحظاتهم.
أنتِ اصبحتي أُما و أنتَ أصبحت أباَ لتتعلم شيئاً واحداً .. العطاء ثم العطاء ثم العطاء .
بقلم الاخصائية اجتماعية.
منى الحربي
إعلامية وكاتبة وعضو مجموعة نادي الخدمة الاجتماعية بمكة