أسماء الفقيه
لا شك أن الشيطان عجز أن يعبد في جزيرة العرب ولكنه رضي بالتحريش بينهم والغضب غالبا من الشيطان دل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد! لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".
وقد يتمادى الإنسان في غضبه حتى يزين له الشيطان قال أخيه فيقتله وايا كان السبب الذي دفع المسلم لقتل أخيه المسلم فهو لا يخرجه من دائرة الإجرام والتعدي على حدود ماحرم الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم لذلك أوجب الله عز وجل حد القصاص على القاتل العمد فإن قتل النفس التي حرم الله عمداً عدواناً يعد من أكبر الكبائر، يبين ذلك قول الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) [النساء:93].
إلا أن الإسلام دين الصفح والعفو فقد جعل للقتال حياة بعد الحكم عليه بالقصاص وهي أن يعفو أهل القتيل عن من قتل وقد أجاز لهم أخذ الدية مقابل هذا العفو.
ولكن في زمننا هذا تحولت الدية إلى تجارة دماء فأهل القتيل يطلبون ملايين بل عشرات الملايين مقابل العفو والتنازل عن قاتل ابنهم !!
ولو رأيت لحال هذا القتيل غفر الله لنا وله ورحمه ربما كان سبب قتله مشاجرة مع صديق سوء أو أنه اعتدى على حرمة شخص بالقول أو الفعل حتى اغضبه فقتله وقد تتعدد الأسباب.....!!
ومهما كان السبب ومهما كان هذا القتيل رجل فضل وصلاح وأمل لأهله لو افترضنا ذلك فلا يحق لأهله إرهاق القاتل وأهله بطلب دية تفوق حدود المعقول، وإرهاق الأنفس وازهاقها بطلب ما لا تستطيع أمر لا يجوز ولا ينبغي السكوت عليه فقد حددت دية القتل العمد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمئة من الإبل ثم جعلها عمر الف دينار ذهبا أو أثنى عشر ألف درهم.
فلماذا نبالغ نحن في طلب عشرات الملايين مقابل العفو عن شخص حتى بات أحدهم عندما يسمع المبالغ الطائلة التي تدفع للدية يقول ليته قتل ولدي واربح خمسين أو مية مليون؟!! اي زمن جهالة هذا واي جاهلية هذه التي نعيشها وتنافسها.
نحن في عهد الحزم ولا بد من موقف حازم ونظرة حازمة لموضوع المبالغة في دية القتل، ليس من الحكومة فقط بل من الشعب فمن سن سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها فلا يجب أيها الشعب الكريم ان ننفذ رغبات وطلبات ذوي القتيل في طلب ملايين مقابل أن يعفون عن القاتل فالقصاص شرع الله وحياة كما قال الله عز وجل ولكم في القصاص حياة، ثم إنه كفارة للقاتل عن جريمته في القتل وانتم أيها التجار تجار الدماء هل لو عاش ابنكم هل سيغرقكم بالملايين ويبني لكم القصور والممتلكات ام هل سينشر الإسلام ويسلم على يديه الستة مليار نسمة من سكان الأرض الغير مسلمين ام هل سيحرر فلسطين ويعيد مجد عمر بن عبد العزيز!.
قد يغضب البعض من كلامي هذا ولكنه كلام العقل .. عاطفيا كلنا يتألم ويأسف كيف مات ابنه أو قريبه قتلا وعدونا ويتساءل باي ذنب قتل؟
ولكن هل محبتنا أو تقديرنا لحياة ذلك المقتول ووجوده في حياتنا تقدر بالملايين !!
أيهما اغلا وأعظم قصر من ذهب و لؤلؤ ومدائن من جنات وانهار في الجنة ام ملايين الدنيا ولو بلغت مليارات تطلبها مقابل عفوك عن أخيك والتي لا تعلم كيف جمعها فقد يكون فقيرا طرق باب هذا وذاك ، وتوسل إلى فلان وعلان ، وبات ليله باكيا شكليا مولاه .
وربما بطلبك مبلغ غير معقول للدية تكون قد ظلمته فدعا عليك، او ربما أعطاه رجلا صالح بعض المال ليساهم في مبلغ الدية ويخفف عن أهل القاتل همهم وبنفس كربهم وقال حسبي الله فتصبح هذه الملايين على ولي المقتول هما وحزنا وحسرة.
هل تختار ماعند الله ام ماعند الناس ؟
ما عند الناس ذاهب وما عند الله خير وأبقى
وقد ورد ربنا الكريم العافية عن الناس بالعز والخير والأجر العظيم في الدنيا والآخرة .
هل تريد أن تحيي نفسا واحدة فتكون كمن أحيا الناس جميعا ام تريد أن تقتل أسرة وربما قبيلة كاملة بطلبك ملايين ؟ هل انت طماع جشع إلى هذا الحد فوجدت ما يشبع جشعك بكل سهولة وفرصة لن تعوض ؟!! فلن ولن تشبع.
لا أطالب بإلغاء الدية ولكن نطالب بتحكيم العقل مع العاطفة والقناعة قبل الجشع والآخرة قبل الدنيا والحكمة قبل الجهل.
فمتى نستيقظ من جاهليتنا وننهي تجارة الدماء بحزم، فإما العفو لوجه الله عز وجل أو مقابل دية معقولة لا فيها إرهاق للقاتل أو ذويه وأما القصاص شرع الله فالنفس إذا جا أجلها لا شيء يقدمه أو يؤخره فلا دفع الملايين أو كلمة عفوا عنك ستمنحه الحياة ولا سيف القصاص سينهي حياته فحتى القصاص حياة.
التعليقات 1
1 pings
الفجر القادم
16/01/2016 في 2:25 م[3] رابط التعليق
فعلاً اما العفو لوجهه الله واما دية تحدد من قبل علماء الامة والله اعلم