في كل شيء تتنامى تفاصيل تغرق دون ملاحظتنا، ترتحل نحو اللااهتمام، واللامبالاة، والأسوأ من يلحظها فيتجاهلها، فأظنك لم تعطي اهتماماً للنملة وهي تهرب من وقع قدميك، فكذا كثير من التفاصيل الضائعة التي تحتاج اهتمامنا، فلم تخْطُ التجاعيد طريقها نحو عيني ذلك الشيخ الهرم إلا بتفاصيل الحياة وربما دموع نحتت لها معبراً نحو المرآة ، كي تعيش الذكرى في كل اطلالة ، فهذا الشيخ بالتأكيد سيذكر متى وكيف نشأت هذه التفاصيل لأنها تخصه، لكنه قد لا يلاحظ تفاصيلَ من حولِه كانت شفاء لهمّه، قد يمر بك مئات التفاصيل، ومنها الكثير ممن ابتسم لك في يومك، ولم تلحظ إلا ابتسامة واحدة ويمكن التخمين بأنهاابتسامة أمك، هذا لأنها الأهم بالنسبة لك، التفاصيل تندرج ضمن اهتمامنا والعكس، وقراءة الحياة ليست سهلة فالتفاصيل الدقيقة تحتاج لاحساس، والعقل ينبه القلب نحو ضعيف عابر إذا كان الإحسان منهجه، أما من تعالى فكره ولم يعد يرى إلا نفسه فقد يعمى عن تفاصيل من حوله، لكن ماذا عن تفاصيل صماء لاتتحدث عن نفسها، ويكاد كثير منها أن يظل عالقاً بلا حراك حتى يُلفتنا، كتلك الحشرة الورقة تظل في سكون لكي لا تلحظها، أظن أن التأمل والتركيز فيما يدور حولنا قد يساعدنا على ملاحظة ملامح فقير حصل على قوت يومه، وقد نجد أشياء ضاعت منا ولم نعطها الوقت الكافي لتحليل تفاصيل ضياعها، وقراءة الوجوه والسكون وسماع صوت الهواء شيء من فنون الحياة ، وكل شيء يحمل تفاصيل ربما مكررة أو مملة وربما تكون رأيتها كثيراً ولكنك شعرت بها لأول مرة لأن هناك من نبهك عليها، وهكذا قد يكون تأمل تفاصيل أحبابنا يسعدهم قبل أن يسعدنا، وسيفاجئهم كم نهتم لأمرهم ونتفانى لأجل أدق تفاصيلهم بغرض إسعادهم.