" شكرًا سام"
كنت كلما حاولت أن أناقش " سام" في أمر ، تستفزني نظراته الباردة وإيماءة رأسه البطيئة وطول فترة الصمت التي نقضيها في مناقشة أي مشروع .. لقد كان قائدا لمجموعتي الصغيرة في مواد مختلفة .. وكان يصمت كثيراً .. وإذا تحدث بدأ في توزيع المهام بدون ان يأخذ رأي بقية أفراد الفريق..
لقد كان عملي في فريق "سام " ضمن متطلبات التخرج يمثل لي تحديا كبيرا .. حيث أنني لابد أن أبذل قصارى جهدي في تقديم أفضل مالدي .. لأنني بتسليم تلك الأعمال مع الفريق أكون قد أنهيت فعليا متطلبات التخرج .. كنت أشعر بضغط عال جدا خلال العمل معهم.. الآراء مختلفه.. ولم أكن على وفاق كبير مع "سام" بالكاد نتفق!
في آخر مشروع .. بلغت بنا درجة الخلاف ذروته.. قالها وبكل صراحه" نحن في عمل .. ونبحث عن أعلى مستوى .. الهدف هو +A .. أفكارك تمثل خطرا على الوصول للهدف.. لاأحب المغامرة ولاالأفكار المجنونه.. لن أشارك ولست موافقا على هذه الفكرة"!!!!
في آخر مشروع .. طُلب منا اختيار اي موضوع معقد من فروع الحاسب والبرمجة وتقنية المعلومات والمطلوب تحديدا ان نقوم بتبسيطه للطلاب وتقديمه ك " عرض" بطريقة فنية مبدعة بدون ان يكون العرض مملا ويحتاج الى شرح طويل ..
بفضل الله .. كنت قد تعلمت ذلك من خبرة سابقة في التدريس .. وقد كان هو "سام " ماهرا جدا وملما جداً بتقنية الحاسب .. أخبرته أنني والفريق يجب أن نتّحد.. ويضع كل منا خبرته في هذا المشروع حتى نصل الى اعلى مستوى في الأداء ..
قال " خبرتي في المجال ستساعدكم كثيرا، لاداعي للتعب.. لدي المراجع الكافية .. سأوزع المهام لاتقلقوا" أخبرته أنني لست موافقة وأنني احتاج ان يشرح لي ماذا تعني "قرصنة البرمجيات" - وكان هذا هو موضوع البحث- وأنني إن استوعبت معنى ذلك سأكون قادرة على العطاء..
ومن هنا بدأت المعاناة .. وبدأت أشعر في كلماته وتصرفاته أنني مهما شرحت لكم الأمر فهو أصعب مماتتخيلو.. ويحاول جاهدا أن يخطط للأمر وحده وعلينا التنفيذ..
وعندما داهمتني فكرة " الآنسه قرصنه" وشرحتها للفريق .. أيدني وشجعني نصف أعضاء الفريق .. وعارضني سام بشده.. والتزم بقيتهم الصمت..
قالها وقد كانت مؤلمه" لست قادره" ولاأثق بك.. تقدمين حماسك على الواقع وهذا مرفوض في بيئة العمل!
كانت الشعله التي اشعلتني.. وكان وقعها على نفسي قاسيا جدا .. حتى انني قررت حينها ان أنفذ الفكرة .. .. شاء هو أم أبى.. ووقف في صفي ثلاث من أعضاء الفريق وكنا جميعا تسعه.. فأصبحنا منقسمين ثلاث يؤيدون ومستعدون للعمل والتضحيه.. والبقية قرروا البقاء مع سام .. فانقسمنا.. وبدأ الفريقان في العمل المنفرد .. والذي من المفترض ان يكون جماعيا .. ومعلم الماده لايعلم عن الانشقاق في الفريق ولم يسمح به ..
كان قرارا جريئا وخطرا.. وكنا كلنا نشعر بأننا لسنا على مايرام.. قبل موعد العرض بيوم .. قررنا ان نجتمع ونجمع قوانا ونرى ماآلت اليه الأمور ..
وفي الإجتماع.. كل فرد عمل أقصى مالديه ليأتي بشيء مميز للفريق خوفا من الفشل.. لقد كان التجهيز مُتقنا.. ابتداء من " شرائح العرض" وتقسيم الموضوع وكانت هناك لعبة قام بابتكارها احد الأعضاء كخاتمة العرض وكانت فكرة " الآنسة قرصنة " جاهزه للتنفيذ أيضاً .. وكان مما قاله سام في ذلك اليوم" معارضتي لأفكارك ليست لشخصك" وإنما فقط للعمل .. إصرارك يجعلني اثق بما ستفعلينه ..
كنت أستمع الى تقلب مزاجه وشيء مايثبتني من الداخل .. ورضى عجيب بماأفعله يسكن أعماقي .. لقد كان عون الله وتوفيقه يدثرني.. لقد سكّن فؤادي .. وأوقف اضطرابي وحيرتي.. وقوّى ضعفي.. وحملني على مواجهة إحباطات كلماته .. بعزة .. فلله الحمد من قبل ومن بعد..
ولن أنسى فضل أمي .. وما كانت تبثه في داخلي من العزيمة والإصرار .. كلماتها كانت كالبلسم الشافي عند عودتي من نقاش كان بعض منه ينهك روحي ويجعلها مغمومة بما سَمِعَتْ.. فأجدها تهون علي .. " سام ماعليكِ منه"
وكان يوم العرض.. وكانت النتيجة المُذهله.. سدّد الله لساني في ذلك اليوم وحلّ عُقدته.. وقمت بأداء دور " الآنسه قرصنه" .. وكان مميزا .. اضافة الى ان بقية فقرات العرض كانت مميزة أيضاً .، وظهر كل الفريق بشكل فريد .. حصلنا منه على مستوى عال جدا ..
بعد انتهاء العرض .. أتاني "سام " مسرعا.. أرجوكِ .. سامحيني .. لقد ظلمتك بكلماتي.. أشكرك جداً جداً .. لقد أذهلتي الجميع .. استمري ولاتجعلي احدا يقلل من قيمة ما تعتقدين انه صواب ..
شكرًا سام .. لقد تعلمت منك الكثير .. رغم الألم .. رغم قسوة كلماته.. لقد صاغ جزءا مهما في نفسي .. وكل ذلك بفضل ملك الملوك..
" وعلمك مالم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما"
التعليقات 1
1 ping
شذى
09/05/2016 في 12:20 ص[3] رابط التعليق
جزاها الله خيرا الأم الرؤوم – سدد الله لسانك اختي ونفع بما كتبت