في كثير من الملتقيات والمؤتمرات ذات التنظيم والطابع الرسمي المحاط ببروتكولات معينة تغيب الشفافية وتتسم بالمجاملات والثناءات المبالغ فيها ويتصدر منبرها بعض العقليات التي لايمكن وصفها إلا بالتقليديه البعيده كل البعد عن التجديد والإبتكار وعدم والرغبة الجادة في الخروج بمثل هذا النوع من الملتقيات عن ماتعودنا عليه .
ولكن الحقيقة .. هذه المرة إن ملتقى عسير للجمعيات الخيرية واللجان الإجتماعية وعلى الرغم من الإرهاق الشديد الذي بلغنا اشده فيه لطول مدته الزمنية إلا إنه كان ملتقى مختلفا ـ وحتى أكون أكثر دقة فقد ـ خيب كل توقعاتي السلبية ـ المسبقة
فكان من حيث التنظيم والبرتوكول يليق وحجم الراعي " صاحب السمو الملكي ورجل التنمية الأول بالمنطقة " فيصل بن خالد حفظه الله ـ ومن حيث العرض والموضوعات المدرجة في أجندة الملتقى ـ يتصف بالنَّوعيه في مستوى الطرح ـ والشفافية " بل وصل لأعلى من سقف تطلعاتي وطموحي الذي كان يعاني شئ من الريبة والقلق وعدم التفاؤل طوال الطريق الذي قطعته من منزلي الصغير بمحافظة محايل عسير قلب تهامة النابض لمقر الملتقى " أبها عروس عسير" التي تقف شامخة في أعلى الجبال يعانق الضباب جيدها وتداعب زخات المطر جسدها الغض " بعد أن كشفت عن حسنها الفتان في هذا الصيف متغلبة على كل الظروف لتثبت للجميع إنها كانت ولاتزال تلك الشابة المتقدة قوة وحسنا وجمالا وإثارة.
لا اخفيكم إنني عشت صراعاً بين كوني إعلامية مترقبة وبين كوني قائدة لمؤوسسة اجتماعية متطلعة ولكن الأكيد أن الشعور بالمسؤولية الإجتماعية والوطنية سيطر على شقيَّ الإعلامي والقيادي فالوطن وحبه أسمى بكثير وماعملنا هنا وهناك الإ ترجمة لهذا الحب
والحقيقة إن الشعور بالمسؤولية الإجتماعية والوطنية كان واضحا وملومسا في هذا الملتقى يظهر في الملامح والتعبيرات والأعمال الموثقه وكأن كل الحضور من قيادات مجتمعية وناشطين اجتماعيين ومتطوعين في المؤوسسات والمنظمات الخيرية يريدون إثبات حبهم لهذا الوطن فالحرص بدا واضحا على الجميع والرؤية 2030 بعثت في قلوبهم الأمل لمستقبل واعد يحمل البشارات لأبناء هذا الوطن وبناته
لايمكن أن اتجاهل شعور الانشراح والسرور الذي انبعث على وجهي عندما شاهدت بنفسي ان خلف هذا التنظيم ومن يدير الملتقى كوادر من شباب الوطن الواعد فرؤيتهم جعلتني اكثر تفاؤلاً ... وكثير من الشواهد في هذا الملتقى تؤكد إن القيادة ماضية في تحقيق رؤيتها وجادة فيها
لعلي اتحدث عن جانب مهم في ملتقى عسير للجمعيات الخيرية ولجان التنمية وهو ان الشفافية كانت واضحة من قبل المسؤولين ولكن الصمت ومستوى المداخلات لم يكن بمستوى تطلعات المنظمين والرعاة ولا بمستوى الرؤية 2030 وهذا يؤكد على ضرورة إعادة النظر في بعض قيادات المؤوسسات الإجتماعية بالمنطقة إما بإعادة تأهيلهم وتدريبهم أو لإستبعادهم تماماً فمثل هذه المؤوسسات والمنظمات بالذات تحتاج لقيادات تعي تماماً متطلبات الرؤية 2030 وتفهم أنها لابد وأن تواكب مفهومها وان تفهم أنهم كجهات تابعة لوزارة العمل والتنمية الإجتماعية عليهم الدور الكبير في تخليص الدولة من الأعباء المالية والهدر والإستفادة من كل الفرص المتاحة للخروج بالمواطن من مفهوم الرعاية والاستجداء لمفهوم التمكين الذي لابد أن يمر بمراحل التنمية والتدريب والتأهيل فسوق العمل بحاجة لكل أبناء الوطن بكل فئاتهم وتستطيع هذه المؤوسسات والمنظمات تفعيل دورها بشكل أكبر بما عهد لنا عندها وبالبحث عن نقاط ضعفها وأسباب زيادة عدد مستفيدها وكيفية تحويلهم من مستفيدين لمنتجين بعيداً عن استخدام الأساليب الغير مجدية والتي لاتحقق الاستدامة فوزارة العمل والتنمية الإجتماعية تهدف برؤيتها الجديدة للإستفادة من الطاقات بالإستثمار فالاستثمار الحقيقي في عقول البشر وطاقتهم وتوجيه إمكانياتهم للمكان المناسب فما فائدة المورد بدون عقل ينتج ولعلي اضرب مثالا بسيطا " تعد المملكة العربية السعودية " دولة منتجة ومصدره للتمور " ولازلنا نستورد السكر " وبالنهاية عليه أن لا أنكر مدى استفادتي من الملتقى وان كان تحفظي الوحيد هو عدم التحدث إطلاقا عن تمكين المعاقين وتأهيلهم وتدريبهم لسوق العمل حسب امكانياتهم وحسب نوع اعاقاتهم وافتقد كذلك لطرح ورقة عمل بهذا الخصوص مع أن الرؤية 2030 لم تتجاهل ذوي الإحتياجات الخاصة وأهميتهم كشركاء تنمية بل جعلت لهم جانبا كبيراً منها .
ولذا فعلينا نحن كقيادات في مؤوسسات خاصة بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة أن نغير سياسة تعاملنا مع المعاق ونغير ثقافة إن الجمعيات الخاصة بهم لاتقدم إلا المساعدات المادية والعينية ولن يتغير ذلك الا بتغيير الصورة النمطية لفهمنا نحن فنقدم برامج تأهيل وتدريب واعداد للمعاقين كلٌ حسب نوع اعاقته وإعداده لسوق العمل وتهيئة بيئة العمل المناسبة لهم وتوفير الخدمات الخاصة بهم فيها .
هذه الورقة كانت تنقص الملتقى كنت اتمنى ان تنال حقها من الإهتمام فلم نحضر مستمعين متلقين بل حضرنا لنضع ايدينا بيدكم فالوطن يستحق منا ان نتوقف عن التنظير ونبدأ التنفيد والتطبيق فمسيرتنا التنموية عطلتاها اسطوانة تشكيل اللجان التي تدرس ولاتقرر وتوصي ولاتطبق.