هاهو ألبوم الوداع! وأرشيف الرآحلين! تفتحه الأقدار ثانيةً لتضم وسطه صورة آخر الرآحلين من الأحباب وبسمةً عالقةً في القلوب قبل الأذهان !!
وترجل العم "أحمد جبلي" فراح إلى نعم الجوار! جوار الغفور الرحيم! العفو الكريم! بعد الصبر على البلاء! ومعاناة وشقاء! إلى من يجزي المبتلين أحبابه الأجر والثواب والثناء!!
تبكي حارتنا فقدانه! ويعيد وداعه أحزان رحيل أمه ومن في الحارة من رفقائه وإخوانه! الذين اشتاق لهم مسجدنا وهم أبطال الصف الأول فقد كانوا عنوانه!! وتتردد في الطرقات كلما عبرناها صدى ضحكاتهم! وهمساتهم! والقلب يخنق بعبرآته!!
وأنا أقلب في ألبوم الوداع وأرشيف الرآحلين إذ بي ألمح صورة جدي محمد عاصي وأتذكر بسمته وحديثه ونصائحه فكم كان يملأ الدنيا على عائلته عزا وفخرا وكم كانت في قبلة رأسه الحنان والأمان للجميع وهيهات أن نكون يوما بمقامه!! أو ينجب الزمن أمثاله!!
لأمسح دمعتي وأقلب صورته فإذا بصورة الجد مشعتر ليعود لأذني صوته ووليشه وأشاهد حبه وحماسه لرعي أغنامه وحكيه لنا القصص العجيبة فيعم الصمت لنطق لسانه !! فتزداد الدموع وأقلب ثانية وأشاهد صورة الجد مهدي تقابلها صورة العم أحمد راشد فتعود بي الذكرى فأراهم في طريقهم للمسجد في وقار وسكينة تامة فأبتسم وأعزي مسجدنا وصفه الأول وأقول أعظم الرجال قد فقدت!!
وأستمر في قلب الصور فأصادف أيوب الزبارة الجد محمد عبدالله الصبور الوقور والذي واجه مصائب الدنيا بإيمان وحمدا لله تقابله صورة العم عماش أعظم من هزم الوجع والألم بروحه الفكاهية وضحاكته التي علمتني أن المرض مهما كبر والألم إلا أنه يجب عليك أن تنتصر وتكون سعيدا وتحيا بإبتسامة حتى آخر رمق!! لأبكي حينها وأتعلم من تلك الصورتين الصبر والإيمان والقوة والفرح!!
فأروح مكملا المشوار وأقلب الصور فإذ بالطيبة والحنان في وجه محمد حوذان وأتذكر أيامه فكم كان دواءاً وبلسما لغيره رغم أنه تجتاحه الهموم والظروف فذاك الإيثار لم أجده حتى يومي هذا الذي يحتضر!!
وأعود لصورة آخر من رحل العم أحمد جبلي فأتذكر سعة صدره وكم كان يفهمنا ويبادلنا الشعور رغم فارق العمر وأتعلم منه خصلة الكفاح كي أنال النجاح فأبكي وأدعو له وأوصيه بأن: يبلغ سلامنا وشوقنا لأبائنا وإخواننا وبإذن "الحنان المنان الكريم العظيم" أنهم جميعا في جنة الخلد في رحمة العزيز القدير!!
وبدموعي التي جرت أغلق "أرشيف الرآحلين وألبوم الوداع" ولا أدري من هي الصورة القادمة التي سيضمها القدر وسط هذا الألبوم الذي يحفظ وجوه الغائبين ببسماتهم فرحمة الله على جميع المسلمين السابقين!!