احمد بن ابراهيم الفقيه
في أحد الأيام القريبة شاهدت بالتلفاز إعلان عن برنامج ثقافي أدبي يستضيف كتاب وأدباء ومثقفين عرب من الجنسين ومن كل أنحاء العالم يتم فيه الحديث مع الضيف أو الضيفة عن أمور أدبية وثقافية وعن إنتاجهم من كتب ومنشورات أو حتى ندوات ومؤتمرات وخلافه .. إستوقفني هذا الإعلان عن إستضافة أديبة وكاتبة من دول المغرب العربي وشدتني فقرة من الإعلان تقول فيها هذه الشخصية أو توجه سؤال للدعاة والمشايخ لماذا تم اختزال الدين وتسليط الضوء في جميع أحاديثهم من محاضرات ودروس وحتى في مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي فقط عن المرأة وعملها وحجابها والتبرج وكل ما يخصها وعدم إعطاء الأمور الأخرى التي تهم المسلم في دينه ومعيشته نفس الإهتمام .
الحقيقة أن هذا السؤال حرك لدي الكثير من التساؤلات التي بدأت أفكر فيها بعيدا عن هدف هذه الكاتبة والمثقفة من طرحها مثل هذا السؤال وما الذي ترمي إليه من خلال طرحه فالله سبحانه وتعالى هو وحده فقط يعلم ما تخفي الصدور .
لذلك فلندع النية لعلام العيوب ولنتحدث عن سؤالها والذي وجدت أنه سؤال غاب أو تم تغييبه عن عقولنا وفكرنا دون أن نشعر بذلك ، نعم لماذا تم اختزال مشاكلنا الدينية والاجتماعية وحتى الأسرية فقط في المرأة وما يدور حولها من لبس وحجاب وخروج للعمل وخلافه ، لقد انشغل المجتمع بجميع فئاته من دعاة ومثقفين وإعلاميين بشكل طاغي بقضايا المرأة وما يدور حولها حتى أصبح جميع أفراد المجتمع لا يتحدثون في المجالس وفي جميع وسائل التواصل الاجتماعي إلا عن ما يخص المرأة ونسينا أو أريد منا نسيان كل الأمور الأخرى التي لا تقل أهمية عن القضايا الخاصة بالمرأة إن لم تكن أهم منها بكثير .
مثلاً عندما ظهر الحديث عن مطالبة قلة من النساء بإسقاط حق ولاية الرجل خرج الدعاة ونحن معهم نندد ونشجب بهذه المطالبة لما تحتويه من أهداف سيئة ، لكننا جميعا من دعاة ومثقفين وإعلام وحتى أفراد المجتمع لم نتحدث أو ننقاش بعضا ممن يسيئون استخدام حق الولاية هذا فمن أب يعضل بناته من الزواج ويحرمهم هذا الحق لأسباب مختلفة ليست من الدين في شيء إلى أخ يمارس التسلط على أخواته بحق الولاية فينهب رواتبهم وحتى حرمانهم من الورث الذي أمر الله به إلى عدم القيام بواجبه الذي فرضته ولايته عليهم من الإهتمام بهم وقضاء احتياجاتهم الخاصة إلى زوج يمارس التسلط على زوجة لا حول ولا قوة لها رغم أنه عندما عقد عليها التزم في هذا العقد بحقوقها كزوجة وإنسانة فالعقد تم على كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام .
هذا المثال ذكرته ويوجد غيره الكثير من الأمثلة التي لا تكفي مساحة المقال لذكرها والتحدث عنها بالتفصيل والتي يتم تسليط الضوء على أجزاء فيها ويتم إهمال الحديث عن الأجزاء الأخرى رغم أهميتها والشيء الأكثر سوء هو تركيز الحديث دوما عن المرأة وسلبياتها دون الحديث ولو بشكل بسيط عن ما تعانيه بعض النساء في مجتمعاتنا ودون الحديث أيضا بنفس الأهمية ذاتها عن الرجل وسلبياته وأفعاله السيئة التي تسبب الضرر لمن حوله كأفراد وكمجتمع .
خاتمة : أليست هناك أمور كثيرة سلبية وسيئة يعاني منها أفراد المجتمع ، أليس الأولى والأفضل لنجوم وسائل التواصل الاجتماعي من دعاة ومثقفين وإعلام وأفراد الحديث عن أمور مثل فساد الذمم وأكل المال العام والخاص وإهمال المسئولين والعقوق والمخدرات والطلاق وتفكك الأسر وغيرها من الأمور التي لها أهمية كبيرة لدى الجميع . تحدثوا كما تريدون عن المرأة فهي نصف المجتمع لكن تحدثوا أيضا عن النصف الآخر فهم شركاء يتقاسمون المسئولية ....