أسامة معيني
الغزو الفكري هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة .
وهو أخطر من الغزو العسكري ؛ لأن الغزو الفكري ينحو إلى السرية وسلوك المسارب الخفية في بادئ الأمر فلا تحس به الأمة المغزوة ولا تستعد لصده والوقوف في وجهه حتى تقع فريسة له وتكون نتيجته أن هذه الأمة تصبح مريضة الفكر والإحساس تحب ما يريده لها عدوها أن تحبه وتكره ما يريد منها أن تكرهه ؛ وهو داء عضال يفتك بالأمم ويذهب شخصيتها ويزيل معاني الأصالة والقوة فيها والأمة التي تبتلى به لا تحس بما أصابها ولا تدري عنه ولذلك يصبح علاجها أمرا صعبا وإفهامها سبيل الرشد شيئاً عسيراً .
وإن ماتتعرض له بلاد التوحيد ، وأرض الحرمين هذه الأيام من محاولة تأجيج الأحداث، وإثارة القلاقل، وزرع الفتن، وزعزعة الأمن، ونشر الخوف بين الناس، من خلال تفجير المساجد والجوامع بمصليها أو إرتكاب جرائم قتل لضحايا تربطهم بالسفّاحين أواصر قوية سواءً كانت تلك العلاقة دماً وقرابة، أو زمالة وصداقة، أو عمل ودراسة .
إن كل تلك الأحداث، والوقائع، والتي تعكس بوضوح ماوصل إليه الفكر الضال، وماتوصل له أربابه من إنحطاط أخلاقي، وقبل ذلك مسخ ديني، وفساد دنيوي، لهو عنوان واضح، وسير فاصح، لتلك الفئة، وذلك التوجه، وهذا التخبط من أثر التلبّس.. تلّبس أنسي بأنسي وهو أخطر من التلبّس الشيطاني !! فالتلبس الشيطاني، الذي يتخبطه الشيطان هو: المجنون المصروع، والمس هو الجنون!! أما النوع الآخر فعلاجه فك أثر الارتباط بالمتلبّس الأنسي، وهو أشد خطراً، وأعظم أثراً من الشيطان .
لكنهم والله قد سجنوا عقولهم، وجمدّوا تفكيرهم، وسلبوا إرادتهم، وغسلوا أدمغتهم، وصادوا أفكارهم فهم جسد بلا روح، وجسم بلا عقل بل الأدهى من ذلك والأمّر أنهم عكسوا إتجاههم، وشقلبوا توجههم فصورا لهم الحق باطلاً، ورسموا لهم الباطل حقا.