بلمحة قصيرة فقط لكل الأحداث الجارية على الساحة العربية ، والمتأمل والمتفحص في الأحداث المتسارعة في كثير من الدول ، عقب ما اسموه بالربيع العربي . والمتمعن في هذه الأحداث بتعقل وروية وادراك ، يرى عجباً ويعيش أمورا عظيمة قد لاتخطر على بال أحد .
بين ليلة وآخرى تجد دولاً كانت آمنة مستقرة هادئة ، برغم مافيها من جراح لكنها جراح لا تنزف .
وكثير من الأنين لكنه لا يسمع ، وفي لمحة كالبرق تشرق عليهم شمس يوم جديد ، ليس ككل الايام السابقة ، يوماً عبوساً مخيفاً أليماً . أصبحوا بلا وطن وبلا أمن وبلا حياة ، وكأنهم في غابة كبيرة كان اسمها الوطن .
تحيط بهم كل الحيوانات الضارية ، والحيات والعقارب شديدة السمية ، والذئاب الجائعة المتعطشة للدماء .
وطن بلا وطن ووطن بلا أمان وبلا غذاء أو دواء أو ماء ، أصبحت آلاف الأسر في العراء بلا مأوى ، يحيط بهم الموت من كل مكان ،
الأحسن منهم حالاً من هرب بنفسه وعياله من جحيم هذه الغابة ، وقبع تحت خيمة صغيرة لاتكاد تقيه برد الشتاء أو حر الصيف . الماء محسوب عليه بالقطرة والغطاء مدفوع اليه بعد عناء ،
ومن لم يستطع مغادرة الغابة أقصد الوطن فلا تتخيل كيف حاله وكيف مصيرة .
بين ليلة وضحاها حاكم لسنوات طويلة يهرب ، وآخر يسجن ، وثالث يقتل ، وخامس سجيناً ويصبح حاكماً أمور تجعل الحليم حيران .
الأحداث والفواجع من حولنا التي تطالعنا بها قنواتنا الإخبارية ، ماهي إلا نزر يسير وما خفي كان أعظم . ومن لم تلتقطة الشاشات افضع بكثير مما يحصل امامنا ماذا استفاد هؤلاء بخروجهم على حكامهم ورؤسائهم ؟ وكيف كان ربيعهم وماذا جنوا وماذا سيجنون بل ماذا بقي لهم ليجنوه ؟ لم يبقى سوى أشلاء ممزقة يقال لها وطن .
رغم مانراه ومانسمعه ومانعايشه في كثير من البلدان ، ومانتألم لأجله ، مازال بعض أولئك الخبثاء المندسين بين أظهرنا ينخرون في وطننا الآمن ، وتدق لاجله نواقيص الخطر نحو الهاوية ، ومازال يدق ويدق عشرات المسامير في نعش الوطن . ماذا يريد هؤلاء الأعداء ؟ الإجابة معروفة والنتيجة محسومة .
يريدون ربيعا كما اسموه ربيعا ، لكنه بدون حياة ، يريدون ربيعا يعلو فيه بكاء الأطفال وأنين الثكالى وضياع كل حلم جميل ، وإحلاله بخراب ودمار وخوف وهلع .. لمثل هؤلاء الأعداء ولمثل هؤلاء الحاقدين يجب أن نتنبه ولا ننساق لكلامهم المعسول ، ولالتغريداتهم وهشتاقهم ونقول عنهم ناصحين صادقين وهم يخفوا وراءهم الغدر والخيانة . والنيل من هذا الوطن .
يجب أن نتنبه قبل أن نجد أنفسنا بلا وطن ، ونفيق على غابة يحكمها أرذل البشر ، عندها لن يرحم ضعفك أحد ، ولن يشفق عليك احد ، وستحتاج لشهور أو قل أعوام ربما لترجع لحضن الدافئ العطوف الوطن .
ألا نعتبر ، ألا ننتبه ، الا نرى ماحصل لإخواننا في البلدان المجاورة ؟! أسأل الله أن يجمع شتاتهم ويصلح حالهم ويرحم ضعفهم . ان الاعتبار الحقيقي أن نتجنب السقوط في هاوية الانفلات والشتات . بعد ماشاهدنا بأم اعيننا الربيع الذي يريدون إلى كل ذي عقل في هذا البلد الكريم ان الوطن هو بمثابة الأم الحنون ،لن يحنو عليك احداً غيره . والخطر محدق ببلدك بلد التوحيد والعقيدة ، والكل متأهب لتقاسم الكعكة ، نرجو أن نتنبه لذلك ، وأن نكون أكثر فطنة ووعياً وإدراكاً لما تحيط بنا من مؤامرات حتى من بلدان مجاورة للأسف .
لن يتمكن أي عدو أو متربص ،مهما كانت قوته أن يعبث ببلد أو مجتمع ما .. فالبلدان توتى من الدخل فليكن داخلنا قويا صلباً ضد كل من تسول له نفسه العبث بامننا واستقرارنا حتى لو كان من داخلنا يجب التصدي له بقوة .حفظ الله بلاد الحرمين من كلشر، وأدام عليها وعلى عقيدتها أمنها واستقرارها وقوتها ، في ظل حكومة رشيدة حكيمة ، وشعب فطن واكثر وعياً قد راهنو عليه وخيب كل توقعاتهم ولم ينساق يوماً لربيع أو خريف ، حفظ الله بلادنا وبلاد المسلمين كل مكان . ورفع عن الأمة كل ذل وهوان وجعل امتنا قوية متينه عزيزة .