عبير علي بلوش
مخطئ من يتصور أن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز "يحفظه الله" بالسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة، ابتداء من شهر يونيو المقبل، تقتصر أثاره الإيجابية على النساء في المملكة اللاتي يمثلن نصف المجتمع، بل أنه يصب في مصلحة الوطن بأكمله، وسيكون له مردود اقتصادي على الرجال قبل النساء، وسيؤدي إلى انتعاشة كبيرة في قطاعات عديدة على مدار السنوات القليلة المقبلة.
إنها الأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل.. فالإحصاءات الرسمية تقول أن أكثر من مليون و380 ألف سائق موجودين بالسعودية، متوسط راتب السائق الواحد 1990 ريال، مما يعني أن فاتورتهم السنوية تصل إلى 33 مليار ريال، بواقع 2.73 مليار ريال شهريا، الأمر لا يتوقف عند ذلك بل أن التقرير الرسمي لبنك ساب يؤكد أن نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل التي وصلت في نهاية عام 2017م الجاري إلى 28% مرشحة أن تصل إلى 40% مع تطبيق قرار السماح للمرأة بالقيادة، مما سيؤدي بالتالي على زيادة الناتج المحلي بما يقارب من 63 مليون ريال.. مما يعني في النهاية أن العوائد الاقتصادية للقرار ستقترب من 100 مليار ريال سنوياً، اضافة إلى تنشيط قطاعات عديدة مثل شركات السيارات والتأمين والخدمات وغيرها.
لا شك أنه قرار تاريخي يعكس النهضة الحقيقية التي نعيشها في عهد ملك الحزم والعزم، ويؤكد أننا ماضون في الاصلاحات في ظل تفعيل دور نصف المجتمع السعودي ومنحه حقاً كان معطلاً على مدار عقود طويلة، وهو ما سينعكس في المستقبل على عجلة التنمية الشاملة وسيدفع لإكمال مسيرة الإصلاح.
الغريب في الأمر أن هناك من لا زالوا "يطقطون" على قيادة المرأة للسيارة وكأنهم يريدون أن يعودوا بنا للخلف، وكأنهم نسوا أن المرأة تقود المجتمع بأكمله من خلال مسئوليتها المباشرة على تربية الأبناء وتشكيل وجدان الأجيال الجديدة.. فكيف نستكثر عليها قيادة السيارة..؟
لقد جاء الوقت المناسب لإعطاء المرأة هذا الخيار والسماح لها بالقيادة، خصوصاً أن علماء الدين المعتدلين أكدوا منذ فترات طولية على عدم وجود أي مانع شرعي في هذا الأمر، الذي كان بمثابة إهدار للاقتصاد الوطني، وبالتالي من حقنا أن نفرح ونبتهج بالقرار الذي يؤكد أن مجتمعنا بات قادراً على تقبل خطوات التنمية، فكل ما كان يقف حائلاً أمام تحقيق مصالح الوطن العامة بات من الماضي، حيث أنهى الأمر السامي الجدل، وأكد أن عجلة التقدم والازدهار مستمرة في ظل رؤية طموحة تتضمن خارطة طريق نحو المستقبل.
إن المرأة السعودية واجهت على مدار سنوات ماضية أزمة كبيرة تتعلق بتغيير المعتقدات البالية التي مازلت تعشش في رؤوس البعض، قطعت شوطاً كبيراً في هذا الاتجاه، ومع المزيد من الوقت والعزم والإرادة ستصل إلى كل أهدافها، في ظلال الإيمان الكامل للقيادة الرشيدة بدوها الأساسي في التنمية، ولا ننسى أننا نستند على جدار قوي يتمثل في الدعم القوي واللا محدود من والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ( حفظهما الله) .