الرسالة التى خص الله بها عز و جل الإنسان هى الاحلام والرؤي، نعم هى رسالة خاصة تحمل التبشير والتحذير فى منامة .
الاحلام هى العين التى يرى بها الإنسان بدون نظر ،
يرى الإنسان ببصره كما يرى في منامه ، يرى فى حالة يقظته بالبصر الأشياء الحاضرة أمام نظره
أما فى منامه فيرى بالروح و غالبا يرى المستقبل القريب أو البعيد .
هذا من أعجاز الله وفضله ، أن الروح تسري بدون البدن وتدخل في رحلة غيبه فى أقطار السموات تحت عرش الرحمن .
فالرؤي حق ، ثابتة بالكتاب والسنة ، يؤيدها النقل والعقل ، وتؤمن بها النفوس السوية ، ولم ينكرها إلا وأنكر ماأنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا يكون عنده خلل و نقص فى العقيدة .
والرؤي وجودها في القرآن الكريم تعظيم لها. و قد جاءت سورة يوسف وقد سميت بسورة الرؤى ، ﻹنها إشتملت على فقه تفسير الرؤي وعلم تفسير الرؤي.
وقد ورد فى القرآن الكريم سبع رؤي في ستة مواضع ؛ ثلاثة مواضع اشتملت على اربعة رؤى ، فى سورة يوسف ، وفى سورة الأنفال من الآية (43) وجاءت فى سورة الصافات الإية (102) ، و فى سوره الفتح الآية (27) و فى سوره الإسراء الآية (60) .
وقد جاءت في السنة النبوية في أحاديث منتشرة وكثيرة ، ومنها جاء التقسيم الشرعى للرؤيا وجاء فقه التفسير وعلم التفسير ومن هذه الأحاديث .
وقد جاء في تعظيمها أحاديث كثيرة تزيد على الثلاثين حديث نختصر منها:
عـن أبي هريرة رضي الله عنه قـال: سمعت رسول الله يقول: «لم يبق من النبوة إلا المبشرات» ، قالوا: و ما المبشرات؟ قال : «الرؤيا الصالحة».. رواه البخاري. وقد رواه مالك في الموطأ مختصرًا و لفظه: «ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة» و رواه أحمد و أبو داود و ابن حبان في "صحيحه" و الحاكم في "مستدركه" كلهم من طريق مالك و صححه الحاكم والذهبي.
وروى مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله قال: «لن يبقى بعدي من النبوة إلا المبشرات» فقالوا: و ما المبشرات يا رسول الله ؟ قال: «الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو تُرى له» «جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة» وهذا مرسل صحيح الإسناد ، ويشهد له حديث أبي هريرة المذكور قبله و ما سيأتي بعده من الأحاديث الصحيحة.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله قال: «أيها الناس إنه لم يبقَ من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له» رواه الإمام أحمد و مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه" والبيهقي في "سننه".
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي و لا نبي»، قال: فشق ذلك على الناس فقال: «ولكن المبشرات» ، قالوا: يا رسول الله وما المبشرات؟ قال: «رؤيا الرجل المسلم وهي جزء من أجزاء النبوة» رواه الإمام أحمد والترمذي والحاكم ؛ وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب. وقال الحاكم : صحيح الإسناد على شرط مسلم ووافقه الذهبي في تلخيصه. وقال الترمذي : وفي الباب عن أبي هريرة و حذيفة بن أسيد وابن عباس وأم كرز وأبي أسيد. عن عائشة رضي الله عنها أن النبي قال: «لا يبقى بعدي من النبوة شيء إلا المبشرات»، قالوا: يا رسول الله وما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُرى له» رواه الإمام أحمد
وابنه عبد الله بإسناد على شرط مسلم ، و قد رواه البزار وقال فيه: قالوا: يا رسول الله وما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو تُرى له».
عن أبي الطفيل – عامر بن واثلة – رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «لا نبوة بعدي إلا المبشرات»، قال: قيل: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: «الرؤيا الحسنة»، أو قال: «الرؤيا الصالحة» رواه الإمام أحمد والطبراني. قال الهيثمي: ورجاله ثقات.
عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «ذهبت النبوة فلا نبوة بعدي إلا المبشرات»، قيل: و ما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُرى له» رواه الطبراني والبزار. قال الهيثمي: ورجال الطبراني ثقات.
الحديث الثامن: عن أم كرز الكعبية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«ذهبت النبوة وبقيت المبشرات» رواه الدارمي وابن ماجه وابن جرير وابن حبان في "صحيحه".
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سألت رسول الله عن قوله تبارك وتعالى: لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ [يونس: 64]، قال: «هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له» رواه الإمام أحمد والدارمي والترمذي وابن ماجه وابن جرير والحاكم. قال الترمذي: هذا حديث حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وفي رواية لأحمد وابن جرير عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه سأل رسول الله فقال: يا رسول الله أرأيت قول الله تبارك وتعالى: لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ، فقال: «لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي أو أحد قبلك» ، قال: «تلك الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو تُرى له» .
لذلك فإن الرؤيا لها منزلة عظيمة ومكانة رفيعة في الإسلام ، ولا ينكرها إلا جاهل ، وتعجّب كثيرون من حقيقتها ، وكيف تأتي الإنسان، و خاض علماء النفس وأصحاب الفلسفة في ذلك كثيرًا ، لكن أجاب عن حقيقتها أحد علمائنا وهو المازري رحمه الله إذ قال في حقيقتها: "والصحيح ما عليه أهل السنة أن الله يخلق في قلب النائم اعتقادات ، كما يخلقها في قلب اليقظان ، وهو سبحانه يفعل ما يشاء ، لا يمنعه نوم ولا يقظة ، فإذا خلق هذه الاعتقادات فكأنه جعلها علمًا على أمور يخلقها في ثاني الحال أو كان قد خلقها".
والرؤى ـ يا رعاكم الله ـ ثلاثة أنواع ، جلاَّها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رواه ابن ماجه في سننه وصححه الألباني أنه عليه الصلاة و السلام قال: (( إن الرؤيا ثلاث: منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، و منها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه ، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة )).
يقول البغوي رحمه الله: "في هذا الحديث بيان أنه ليس كل ما يراه الإنسان في منامه يكون صحيحًا و يجوز تعبيره ، إنما الصحيح منها ما كان من الله عز وجل ، وما سوى ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها".
إذًا النوع الأول هي الرؤيا السيئة التي من الشيطان ، وهناك آداب شرعية تجاهها ، فقد روى مسلم في صحيحه أن أبا سلمة قال: كنتُ أرى الرؤيا فأمرض منها ، حتى لقيت أبا قتادة فذكرت ذلك له فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الرؤيا من الله ، والحلم من الشيطان ، فإذا حلم أحدكم حلمًا يكرهه فلينفث عن يساره ثلاثًا ويتعوذ بالله من شرها ، فإنها لن تضره )) ، قال أبو سلمة: إن كنت لأرى الرؤيا أثقل عليَّ من الجبل ، فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث فما أباليها.
الى هنا نتوقف ::::
انتظرونا الاسبوع القادم والجزء الثانى إن شاءالله .