وقفات مع آيات في الأخلاق
في استكمال للحديث حول الأخلاق والقيم الإنسانية التي تستقيم بها حياة الأمم و المجتمعات إبتداء من الفرد في الأسرة الصغيرة ، حيث تستقر بها العلاقات نسترجع معا باقة جاءت فيما قاله الله تعالى في سورة لقمان ومما أذكره على مقاعد المرحلة المتوسطة حين تعلمنا في حصة القرآن الكريم آيات منها وتركت بنا أثرا عظيما حينها بداية بقوله تعالى: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حميد)
الحكمة قيمة :
لابد من السعي لتمام الوصول اليها وقد منح الله الانسان الحكمة والتي لا تتأتى إلا لمن ملك عقلا واعيا متدبرا، وفكرا راقيا متأملا، يدرك به الأشياء فيقوم بحقها ويؤدي واجباتها .
الشكر والامتنان قيمة :
تنم عن خلق عظيم إذ يشعر صاحبه بالامتنان لمن قدم له معروفا صغر أو كبر، كما ويفيد التواضع والعرفان بالجميل ويؤصل قيمة العطاءالمستحقة للتقدير .
ويكون الشكر لله عز وجل أعظم حين يتجلى بعدم الشرك وبإخلاص العبادة له وحده (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) .
والشكر والامتنان موصول للوالدين بتبيان ما عانته الأم في سبيل التربية والتنشئة بالصغر وحين الضعف فلا ُينسى فضلها اذ اشتد العود في قوله تعالى:(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)
وكذلك حين يمد أي أحد يد المساعدة فلا ينبغى الانكار والجحود للفضل كي لا يمتنع اهل العطا عن عطائهم لقاء الجحود، ولن يبلغ أي كان في هذا الكون ما يبلغه الوالدان من قدر و مرتبة في مودة الأبناء بعد الله عز وجل حتى و إن جاهداه على الشرك به (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
بذل المعروف قيمة :
بذل الخير فلاتستصغرن من المعروف شيئا كل في كتاب مبين، وبالتالي عدم الاستهانة بالصغائر التي تذهب بالفضائل وتضيع الأجر فضلا عن الكبائر(يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)
الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر عليهما قيمة :
فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، حيث يتطهر الإنسان من الأراذل وينشد الفضائل التي تحيا بها المجتمعات، وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعتبران أحد أهم أدوات حماية القيم والحفاظ عليها لحفظ أمن واستقرار المجتمع، فالمعروف ماتعارف عليه الناس واتفقوا عليه مما يحقق أمن واستقرار المجتمع وحفظ قيمه وهويته، والمنكر ما استنكرته الانفس وكان له وقع سيء على حياة افراد المجتمع فيما يكون تعديا على حرية الشخص او تجاوز حدود الآخر.
وقمة ذلك كله بالصبر على العبادات وتحمل ما يتلقاه المؤمن من التعدي والإساءة في سبيل حماية الأخلاق والقيم (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ )
التواضع والخلق الرفيع قيمة :
جاءالنهي عن الخيلاء والغرور وجعلهما سمتان مبغوضتان من الرحمن لما فيهما من كبر واستعلاء على الناس والاحتقار لهم وقد خلقنا الله سواسية كأسنان المشط، ولما فيها من قهر للنفوس وخروج عن الآدمية (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ )
التأني والهدوء والتواضع قيمة :
من سمات الشخصية الوقورة ذات الخلق الرفيع (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) .
وفيها التأكيد على عدم الكبر والنهي عن الخيلاء ورفع الصوت بالتفاخر والتباهي ومنها خفض الصوت وعدم إثارة الإزعاج فإن أبغض وأنكر الأصوات لصوت الحمير (لقمان:12-19).
وما أحوجنا للعودة الى تلك الآيات التي تغرس وتعزز هذه القيم والأخلاق لدى النشء لصلاح المجتمع والأمة من جديد وتتعاون المدرسة والأسرة والمسجد على تأصيلها بالأنفس .